السبت، 29 مارس 2014

يا رب: غبتُ أنا فأين أنت ؟!

يا رب: غبتُ أنا فأين أنت ؟!



ذكر حكيمُ فارسيا أنَّ عجُوزاً فارسية كان عندها دجاجٌ في كوخٍ مُجاورٍ لقصرِ كسري الحاكم،فسافرت العجُوزُ إلي قريةٍ أُخري.
وقالت : يا رب أستودعُك الدجاجَ والكوخَ ..
فلما غابت ..اعتدي كسري علي كوخها ليُوسع قصرهُ وبُستانهُ ،فذبحَ جُنودُ كسري الدجاجَ وهدمُوا الكوخٍ.
فلما عادت العجُوزُ من سفرها ورأت ما حدث لكوخها ودجاجها وهُما كُلُ ما تملُكُ .نظرتْ إلي السماءِ وقالت : يا رب [ غبتُ أنا فأين أنت ؟! ]
فأنصفها اللهُ وانتقم لها شرَّ انتقام وأعتدي ابنُ كسري علي أبيه بالسكينِ فقتلهُ في فراشه.

إخواني : ينبغي علينا ألا ننسي أنَّ دعوة المظلُومِ مستجابةٌ فألجأ إلي الله إذا ظلمك أحدٌ وتذكر قول الله تعالي " أَلَيْسَ اَللهُ بِكَآفٍ عَبْدَهُ ".

الأربعاء، 26 مارس 2014

التفكير والتدبير

التفكير والتدبير



حكم احد الملوك على نجار بالموت،فتسرب الخبر إليه فلم يستطع النوم ليلتها، فقالت له زوجته:
أيها النجّار نم ككل ليلة فالرب واحد والأبواب كثيرة؟!
أنزلت الكلمات سكينة على قلبه فغفت عيناه،ولم يفق إلا على صوت قرع الجنود على بابه، فشحب وجهه،ونظر إلى زوجته نظرة يأس وندم،وحسرة على تصديقها،فتح الباب بيدين ترتجفان ومدهما للحارسين لكي يقيدانه.
قال له الحارسان في استغراب:
لقد مات الملك ونريدك أن تصنع تابوتا له
أشرق وجهه ونظر إلى زوجته نظرة اعتذار فابتسمت،وقالت:
أيها النجّار نم ككل ليلة فالرب واحد والأبواب كثيرة
فالعبد يرهقه التفكير و الرب - تبارك وتعالى - وحده يملك التدبير.
منْ اعتز بمنصبه فليتذكر فرعون، وغرقه في النهر.
ومنْ اعتز بماله فليتذكر قارون، وابتلاع الأرض له ولقصره وخدمه وماله.
ومنْ اعتز بنسبه فليتذكر أبا لهب، وهلاكه تخليده في النار.
إنما العزة لله وحده-  سبحانه وتعالى-

وأنا وأنت يا منْ شغلتنا الدنيا عن الآخرة، لابد ألا  ننسى أنفسنا فأيامنا معدودة.

الأربعاء، 19 مارس 2014

الدَّارِ الْفَانِيَةِ؟! أم الدار الباقية؟!

الدَّارِ الْفَانِيَةِ؟! أم الدار الباقية؟!



امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ مُسْلِمَةً عَابِدَةً صَالِحَةً ابْنَةَ مَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ تَقَدَّمَ لِخِطْبَتِهَا رَجُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ ثُمَّ قَالَتْ  الِجَارِيَةٍ لَهَا: انْطَلِقِي وَالْتَمِسِي لِي رَجُلاً وَرِعًا، زَاهِدًا نَاسِكًا فَقِيرًا.
فَانْطَلَقَتِ الْجَارِيَةُ فَوَجَدَتْ فَقِيرًا عَابِدًا وَرِعًا، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى مَوْلاتِهَا.
فَقَالَتْ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِي ذَهَبْتُ مَعَكَ إِلَى مَنْْ يَعْقِدُ نِكَاحِي عَلَيْكَ.
فَفَعَلَ فَعَقَدُوا النِّكَاحَ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: انْطَلِقْ بِي إِلَى أَهْلِكَ.
فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ إِلاَّ هَذَا الْكِسَاءَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِي هُوَ دِثَارِي بِاللَّيْلِ وَلِبَاسِي بِالنَّهَارِ.
فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ رَضِيتُ بِكَ عَلَى ذَلِكَ.
ابْنَةُ الْمُلُوكِ تَقُولُ لِلْفَقِيرِ الْوَرِعِ رَضِيتُ بِكَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ يَكْسَبُ بِالنَّهَارِ وَيَأْتِيهَا بِاللَّيْلِ بِمَا تُفْطِرُ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَكُنْ تُفْطِرُ بِالنَّهَارِ بَلْ تَصُومُ تَطَوُّعًا لِلَّهِ تَعَالَى.
وَكَانَ إِذَا أَتَاهَا بشيء أَفْطَرَتْ عَلَيْهِ وَحَمِدَتِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ، ثم قَالَتْ: الآنَ تَفَرَّغْتُ لِلْعِبَادَةِ.
فَلَّمَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ لَمْ يُفْتَحْ عَلَيْهِ بشيء يَأْتِيهَا بِهِ، فَفَزِعَ مِنْ ذَلِكَ وَشَقَّ عَلَيْهِ. 
وَقَالَ: زَوْجَتِي جَالِسَةً فِي بَيْتِهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ تَنْتَظِرُ أَنْ ءَاتِيَهَا بشيء تُفْطِرُ عَلَيْهِ، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَدَعَا رَبَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَالَ: يَا رَبّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي مَا أَسْأَلُكَ لِدُنْيَايَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِرِضَا زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي رِزْقًا مِنْ لَدُنْكَ فَإِنَّكَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}
قَالَ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ لُؤْلُؤَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَخَذَهَا وَذَهَبَ بِهَا إِلَى امْرَأَتِهِ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ رَاعَهَا ذَلِكَ.
وَقَالَتْ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ بِهَذِهِ اللُّؤْلُؤَةِ الَّتِي لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ عِنْدَ أَهْلِي؟!
فَقَالَ لَهَا: طَلَبْتُ الْيَوْمَ قُوتًا فَلَمْ يُفْتَحْ لِي بشيء فَدَعَوْتُ رَبِّي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَرَزَقَنِي هَذِهِ اللُّؤْلُؤَةَ مِنَ السَّمَاءِ.
فَقَالَتِ: ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ الَّذِي دَعَوْتَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ فَابْتَهِلْ إِلَيْهِ وَاسْأَلْهُ وَقُلْ: اللَّهُمَّ سَيِّدِي وَمَوْلايَ إِنْ كَانَ هَذَا شَيْئًا رَزَقْتَنَا فِي الدُّنْيَا فَبَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَإِنْ كاَنَ مِمَّا ادَّخَرْتَهُ لَنَا فِي الآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ فَارْفَعْهُ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَرُفِعَتِ اللُّؤْلُؤَةُ، فَرَجعَ إِلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ.

فَقَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرَانَا مَا ادَّخَرَ لَنَا فِي الآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَتْ: لا أُبَالِي الآنَ أَنْ لا أَقْدِرَ عَلَى شيء مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْفَانِيَةِ، وَشَكَرَتِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ.

الاثنين، 17 مارس 2014

وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها

وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها



روي أن رجلاً جلس تحت شجرة من النخيل ثم استلقى على ظهره فإذا به يرى عصفوراً بفمه ثمرة من نخلة مثمرة إلى أخرى غير مثمرة ، ثم رأى هذا العمل يتكرر فعجب لذلك وقال في نفسه : لأصعدن هذه النخلة لأتبين الأمر ، فصعد فإذا به يرى داخل سعف النخلة حية عمياء فاتحة فمها والعصفور يلقي بالثمر في فمها ، فعجب من ذلك وقال : صدق الله حيث يقول : { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} سورة هود (6)
ويحكى أن ابن أبشاذ النحوي كان يوماً على سطح جامع مصر وهو يأكل شيئاً وعنده ناس فحضرهم قط فقدموا له لقمة فأخذها في فمه وغاب عنهم ثم عاد إليهم ، فرموا له شيئاً آخر ففعل كذلك وتردد مراراً وهم يرمون له وهو يأخذه ويغيب ثم يعود من فوره حتى عجبوا من ذلك القط ، وعلموا أن مثل هذا الطعام لا يأكله وحده لكثرت. 
فلما شكوا في أمره تبعوه فوجدوه يصعد إلى حائط في سطح الجامع ، ثم ينزل إلى موضع تجاه بين خراب وفيه قط آخر أعمى وكل ما يأخذ من الطعام يحمله إلى ذلك القط ويضعه بين يديه وهو يأكله . فعجبوا من تلك الحال.

فقال ابن أبشاذ : إذا كان هذا حيوان أخرس قد سخر الله له هذا القط وهو يقوم بكفايته ولم يحرمه الرزق فكيف يضيع مثلي .



السبت، 15 مارس 2014

فعل الدنيا بأهلها

فعل الدنيا بأهلها



رُوِيَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ صَحِبَهُ رَجُلٌ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُونُ مَعَكَ، فَانْطَلَقَا فَانْتَهَيَا إِلَى شَطِّ نَهْرٍ فَجَلَسَا يَتَغَدَّيَانِ وَمَعَهُمَا ثَلاثَةُ أَرْغِفَةٍ فَأَكَلا رَغِيفَيْنِ وَبَقِيَ رَغِيفٌ فَقَامَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى النَّهْرِ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَجِدِ الرَّغِيف الثالث.
فَقَالَ لِلرَّجُلِ: مَنْ أَخَذَ الرَّغِيفَ؟!
قَالَ: لا أَدْرِي.
فَانْطَلَقَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَعَهُ الرَّجُلُ فَرَأَى ظَبْيَةً (غَزَالَةً) وَمَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا فَدَعَا وَاحِدًا فَأَتَاهُ فَذَبَحَهُ وَاشْتَوَى مِنْهُ فَأَكَلَ هُوَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ، ثُمَّ خَاطَبَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ الظَّبْيَ بَعْدَ أَنْ ذَبَحَهُ وَأَكَلا مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَامَ.
فَقَالَ لِلرَّجُلِ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرَاكَ هَذِهِ الآيَةَ مَنْ أَخَذَ الرَّغِيفَ؟!
قَالَ: لا أَدْرِي.
فَانْطَلَقَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى مَفَازَةٍ (فَلاةٍ) فَجَمَعَ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرَابًا وَكَثِيبًا (أَيْ رَمْلا) ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُنْ ذَهَبًا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَصَارَ ذَهَبًا، فَقَسَّمَهُ ثَلاثَةَ أَقْسَامٍ، فَقَالَ: ثُلُثٌ لِي وَثُلُثٌ لَكَ وَثُلُثٌ لِلَّذِي أَخَذَ الرَّغِيفَ.
فَقَالَ: أَنَا الَّذِي أَخَذْتَ الرَّغِيفَ.
فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: كُلُّهُ لَكَ وَفَارَقَهُ.
فَانْتَهَى لِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي أَخَذَ الذَّهَبَ رَجُلانِ أَرَادَا أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ الذَّهَبَ وَيَقْتُلاهُ.
فَقَالَ لَهُمَا: هُوَ بَيْنَنَا أَثْلاثًا، فَقَبِلا ذَلِكَ.
فَقَالَ: يَذْهَبُ وَاحِدٌ إِلَى الْقَرْيَةِ حَتَّى يَشْتَرِي لَنَا طَعَامًا.
فَذَهَبَ وَاحِدٌ وَاشْتَرَى طَعَامًا وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: "لأِيِّ شيء أُقَاسِمُهُمَا فِي هَذَا الْمَالِ؟! أَنَا أَجْعَلُ فِي هَذَا الطَّعَامِ سُمًّا فَأَقْتُلُهُمَا وَءَاخُذُ هَذَا الْمَالَ جَمِيعَهُ فَجَعَلَ فِي الطَّعَامِ سُمًّا.
أما الآخران فَقَالا فِيمَا بَيْنَهُمَا: لأِيِّ شيء نَجْعَلُ لَهُ الثُّلُثَ إِذَا رَجَعَ إِلَيْنَا قَتَلْنَاهُ وَاقْتَسَمْنَا الْمَالَ نِصْفَيْنِ؟َ!
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِمَا قَتَلاهُ ثُمَّ أَكَلا الطَّعَامَ الْمَسْمُومَ فَمَاتَا، فَبَقِيَ ذَلِكَ الْمَالُ، بَقِيَ الذَّهَبُ فِي الْمَفَازَةِ "الْفَلاةِ" وَأُولَئِكَ الثَّلاثَةُ قَتْلَى عِنْدَهُ.

فَمَرَّ عَلَيْهِمْ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَالَ لأِصْحَابِهِ: هَذِهِ الدُّنْيَا فَاحْذَرُوهَا.