عاقبة الستر



عاقبة الستر



رأى إمام المسجد أن شخص ما من الناس من أهل الجنه ولم يكن هذا الشخص ذا زيادة في العمل
 أمسك الامام ذلك الشخص وقال له: رأيت في المنام أنك من أهل الجنه فماذا تعمل ؟! فرفض الشخص إخباره
 لكن مع إصرار إمام المسجد وافق الشخص على إخباره لكن بشرط ان لا يذكر اسمه وانه لن يقول هذه القصة إلا للفائدة فقط يرجو بها عفو الله
ثم قال للإمام: تزوجت وأخذت عروستي فإذا بها حامل في الشهر الثاني أو الثالث طبعا من شخص آخر فسترت عليها وأخفيتها عن أهلي وأهلها لكي لا يعرفوا من أمرها شيئا فتفتضح المسكينة فمنعت أن يزورها أو أن تزور أحد حتى جاءت ساعة الوضع فأحضرت لها
امرأة لتساعدها في الوضع ثم اخذت الطفل ووضعته عند باب المسجد وكانت الساعه حينها الثالثة،أو الثانية فجرا وعندما أذن الفجر خرجت الى المسجد وإذا بالناس ملتمين على الطفل وعرفت منهم الخبر فقلت للناس انا أكفل هذا الطفل اليتيم وأشهد عليه الناس وآخذه إلى البيت وبعد خروج زوجته من النفاس أحضر شيخ وشهود من غير مدينته وعقد له قرآنه من زوجته من جديد.
ثم قال: وهي الآن زوجتي وأم عيالي ولا أحد يعرف بهذا الشيء من سنوات عديدة، ولو واحد غيره حدث معه ذلك لفضحها وجعل سيرتها على كل لسان.
يقول الدكتور/ عمر عبد الكافي:
عدم ستر المسلم، وفضحه بين الناس بما رآه من زلاته وعيوبه، والإنسان عندما يرى على أخيه عيباً من العيوب، وجب عليه الستر؛ لأنه لو سمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رويَ عن أي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يستر عبدٌ عبداًً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة"" ( 1).
وفي الحديث من طريق عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن   ستر مسلما  ستره الله يوم القيامة" (2).  

فالمسلم بطبيعته كما نحفظ من الحديث جميعاً: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره الشريف ثلاثاً" ثلاث مرات، "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"( 3) هكذا روى الإمام مسلم في صحيحه.
فستر المسلم، و ستر عيوبه، وستر ما يقبح من أخلاقه ولا يراه أحد إلا قليل من الناس وجب عليك أن تستره، فهذا من شيم أهل الإيمان، ووجوب الستر على أهل المعاصي من المسلمين من الواجبات الشرعية، والأخلاق الإيمانية التي يجب أن يتحلى بها أهل الإيمان.

 إن الله تعالى يقول: ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النور:19)، فالمسلم لا يحب أبداً أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
فالتسّرع في إلقاء التهم، وإلصاقها بالناس، حتى وإن رأى بعينيه عورة لأخيه، فما عليه إلا أن يكون كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم: " لو سترته بثوبك لكان خيراً لك" (4).  لماذا ؟ لأن الإنسان عندما يستر مسلماً فهو يعينه على العودة إلى رحاب الله مرة أخرى،  يعينه على التوبة إلى الله توبةً خالصةً نصوحة.
و الشيطان يمكث للإنسان بالمرصاد، فربما لو رأى العبد أن أمره قد افتضح، يعني: السر الذي كان لا يراه أحد افتضح أمام العامة، عندئذ ربماٍ يستمرئ المعصية، أو يقول: هكذا يقال عني كذا وكذا، أو تقول المرأة: يقال عني كذا وكذا، عندئذ قد يعتاد المعصية ويألفها، وقد لا يبالي، ويتبخر الحياء، ويضيع من عنده، عندئذٍ لا يكون الإنسان عوناً مع الشيطان على أخيه، فتتبع العورات سبيل لإفساد صاحب العورة، والله سبحانه وتعالى نهانا عن التجسس؛ فقال تعالى: ( وَلا تَجَسَّسُوا ) (الحجرات: من الآية12).
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم" (5).
فهذه امرأة تشك في زوجها في سلوك ما، فلا يجب عليها أبداً أن تتابعه، أو تتقصى أخباره، أو أن تتحرى هاتفه مثلاً، وترى الأرقام المسجلة عليه، والأرقام التي تتصل به لتصل إلى قناعة معينة بما في ذهنها، أو بما شكت فيه؛ لأن الإنسان إذا تجسس سوف يعود عليه هذا التجسس بشيء يؤذيه، سوف يضره، وسوف لا يقنع بل ولن يرضى عن الطرف الآخر الذي يتعامل معه لكن:
ليس الغبي بسيد في قومه          بل إن سيد قومه يتغابا
وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفضي الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيّروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" (6).
المصادر:
1 )-  أخرجه مسلم في"صحيحه" (4/2002) رقم (2590).
2 )-  أخرجه البخاري في"صحيحه"(2/862) رقم (2310)، ومسلم في"صحيحه" (4/1996) رقم (2580).
3 )- رواه مسلم في "صحيحه" (4/1986) رقم (2564) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
4)- صحيح، رواه أهل السنن والحاكم والبزار وغيرهم، وهو في قصة رجم ماعز الأسلمي، رضي الله عنه، وهو من رواية صحابي دعى "هزال" ليس له سوى هذا الحديث، وقواه الحافظ ابن حجر في"فتح الباري" (12/125) ، وقال أبو عمر بن عبد البر، رحمه الله، في"التمهيد" (23/125) :" يستند من وجوه صحاح".
5)- قال النووي في "رياض الصالحين" :"باب النهي عن التجسس:"حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح" ، وقال صاحب "زوائد الأدب المفرد" رقم (88):"صحيح لغيره من حديث معاوية".
6 )-  صحيح أخرجه أحمد في"المسند" (4/420)، وأبو داود (4/270) رقم (4880)، والروياني في"المسند" (2/336) رقم (1312)،وأبو يعلى في"المسند" (13/419) رقم (7423) من حديث أبي برزة الأسلمي، رضي الله عنه، وله شواهد عديدة من حديث البراء، وابن عمر، رضي الله عنهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق