كان هناك رجل صوفي يدعي شفيق البلخي له تلميذ عُرف
بالزهد فيما بعد ألا وهو حاتم الأصم
فروي عنه أنه قال له شقيق يوما :
منذ كم صحبتني ؟!
قال حاتم : منذ ثلاث وثلاثين سنة .
قال : فما تعلمت مني في هذه المدة ؟!
قال : ثماني مسائل .
قال شقيق له : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ذهب
عمري معك ولم تتعلم إلا ثمانيَ مسائل ؟!
قال : يا أستاذ ، لم أتعلم غيرها ، وإني لا أحب أن أكذب
.
فقال : هاتِ هذه الثماني مسائل حتى أسمعها .
فقال : أحسنتَ يا حاتم . فما الثانية ؟!
فقال : نظرت في قول الله عز وجل {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ
الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40-41] فعلمت أن الله سبحانه وتعالى
هو الحق ، فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرتْ على طاعة الله .
الثالثة :
أني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل منْ معه شيء له قيمة ومقدار رفعه وحفظه ، ثم نظرت
إلى قول الله عز وجل {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا
عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:96]. فكلما وقع لي شيء له قيمة ومقدار
وجّهتـُه إلى الله ليبقى عنده محفوظاً .
الرابعة : أني
نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يرجع إلى المال وإلى الحسب والشرف والنسب ،فنظرتُ فيها فإذا هي لا شيء ، ثم نظرتُ إلى قول الله
تعالى : { إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
} فعملتُ في التقوى حتى أكون عند الله كريماً .
الخامسة : أني
نظرت إلى هذا الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض ، ويلعن بعضهم بعضاً ، وأصل هذا كله
الحسد ،ثم نظرت إلى قول الله عز وجل{نَحْنُ قَسَمْنَا
بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [ ص: 212 ] فتركتُ
الحسد واجتنبت الخلق وعلمتُ أن القسمة من عند الله سبحانه وتعالى ، فتركت عداوة
الخلق عني .
السادسة :
نظرت إلى هذا الخلق يبغي بعضهم على بعض ويقاتل بعضهم بعضاً ، فرجعت إلى قول الله
عز وجل : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ
فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر:6]
فعاديته وحده واجتهدتُ في أخذ حِذري منه ، لأن الله تعالى شهد عليه أنه عدو لي
فتركتُ عداوة غيره من الخلق .
السابعة : نظرت
إلى هذا الخلق فرأيتُ كل واحد منهم يطلب هذه الكِسرة ، فيذل فيها نفسه ويدخل فيما
لا يحل له ،ثم نظرت إلى قوله تعالى {ومَا مِنْ دَابَّةٍ
فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} فعلمت أني واحد من هذه
الدواب التي على الله رزقها ؛ فاشتغلت بما لله تعالى علي وتركتُ ما لي عنده .
الثامنة :
نظرت إلى هذا الخلق فرأيت بعضهم متوكلين على بعض ؛ هذا على ضيعته وهذا على تجارته
وهذا على صناعته وهذا على صحة بدنه ، مخلوق متوكل على مخلوق ، فرجعت إلى قوله
تعالى { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ } فتوكلت على الله عز وجل
فهو حسبي .
قال شقيق : يا حاتم وفقك الله تعالى ، فإني نظرت في العلوم فوجدت جميع أنواع الخير والديانة وهي تدور على هذه المسائل الثمانية .
ردحذفقال حاتم : نظرتُ إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوباً، فهو و محبوبة إلى القبر ، فإذا وصل إلى القبر فارقه . فجعلت الحسنات محبوبي ، فإذا دخلت القبر دخل محبوبي معي . - See more at: http://mrx555.blogspot.com/2014/03/blog-post_8.html#.UxsvdNJdXpw
ردحذفما أحسن هذه المقولة
حذفقال حاتم : نظرتُ إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوباً، فهو و محبوبة إلى القبر ، فإذا وصل إلى القبر فارقه . فجعلت الحسنات محبوبي ، فإذا دخلت القبر دخل محبوبي معي . - See more at: http://mrx555.blogspot.com/2014/03/blog-post_8.html#.UxsvdNJdXpw
ردحذف