لا
تتخذوا بطانة من دونكم
من الآيات الواردة في النهي عن مولاة الكفار والمنافقين قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا
عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ
أَكْبَرُ ۚ
قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } (آل عمران:118).
وقد جاء في سبب نزول هذه الآية ما أخرجه الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً
من يهود؛ لما كان بينهم من الجوار، والحلف في الجاهلية، فأنزل الله فيهم ينهاهم عن
مباطنتهم؛ تخوُّف الفتنة عليهم: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم}.
قال السيوطي: وسنده جيد. ففي هذه الرواية يقول:
"كان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً من يهود"، بمعنى
أنهم كانوا يقيمون معهم صلات وعلاقات.
وفي رواية أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: نزلت في قوم من
المؤمنين كانوا يصافون المنافقين، ويواصلون رجالاً من اليهود؛ لما كان بينهم من
القرابة، والصداقة، والحلف، والجوار، والرضاع، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ينهاهم
عن مباطنتهم؛ خوف الفتنة منهم عليهم.
وفي
هذه الرواية قال: “كانوا يصافون المنافقين، ويواصلون رجالاً من اليهود”، ومعنى
يصافون: أي: يجتمعون معهم. و(المباطنة) مشتقة من (البطانة)، وهي ما يُبطن بِه
الثوب، وهي خلاف (الظهارة) وهي ما يظهر للعين من الثوب، ولا يلي الجسد.
وبطانة
الرجل: هم خاصة أهله، الذين يطلعون على داخل أمره. والمراد من (المباطنة) هنا: نهي
المؤمنين أن يتخذوا أولياء وأصدقاء لأنفسهم من غير أهل دينهم وملتهم، يعني من غير
المؤمنين.
وتفيد الآية الكريمة على ضوء سبب نزولها نهي المؤمنين عن موالاة
الكافرين والمنافقين؛ لأنهم غير مأموني الجانب؛ إذ من طبعهم أنهم لا يحبون الخير
للمسلمين، بل يتربصون بهم الدوائر، وينتهزون الفرص للنيل منهم، والحط من شأنهم،
ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، وواقع حال المسلمين اليوم خير شاهد على صدق ما
نهت عنه الآية الكريمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق