الحكيم
والحمار
كان لرجل حكيم حمارا يحمله في أسفاره. و كان الناس يتهافتون علي
الحكيم و يستوقفونه في طريقه لاستشارته في بعض أمور حياتهم.
تعود الحمار علي الاستماع لنصائح الحكيم حتى أنه حفظها،كان الحمار
يعلم أغلب حكم صاحبه و لكنه كان يدرك أيضا أنه حمار دوره هو أن ينقل الحكمة من
مكان إلي أخر عن طريق حمله لصاحبه و مرافقته في السفر، و لكنه لم يستطع صرف أذنه
عن علمه و كلامه الطيب.
و بعد أن أمضي الحكيم عمره في خدمة الناس توفي و ترك الحمار لأخيه،و
اشتاق الناس للمعرفة حتى أنهم تبعوا هذا الأخ و استشاروه في أمور حياتهم.
أدرك الحمار الفارق بين صاحبه الجديد و بين صاحبه الحكيم ،فلقد ظن
الأخ أنه لا يمكن لكل هؤلاء الناس أن يخطئوا. إذ هم ظنوه حكيما مثل أخيه فلابد له
و أن يكون كذلك. و أخذ يفتي فيهم و يسقيهم من جهله حتى أن الحمار تمني أن ينطق
ليسكته و يدل الناس علي جهله.
اكتفي الحمار بالتمني و قال في نفسه:لو
أن هؤلاء القوم منصفون لأنزلوه من علي ظهري حتى أركبه أنا،فإذا كنت حمارا جاهلا
فلقد عرفت ذلك عن نفسي و أقررت به،أما هو ففوق جهله، قد جهل أنه جاهل.
أحيانا يتمنى المرء أن يمتلك بعض الناس فضيلة الإقرار بالجهل لأن هذه
الفضيلة لا تكون إلا للعلماء.
فالعلم ثلاثة أشبار منْ أدرك الشبر الأول علم أنه جاهل و منْ أدرك
الشبر الثاني ظن أنه عالم أما منْ أدرك الشبر الثالث فقد تيقن أنه لن يبلغ نهاية
العلم أبدا.
فلن يتحرك الإنسان في سبيل العلم إلا بعد أن يُقر بجهله و لن يستزيد
من العلم إلا بعد أن يقر بجهله و منْ يستمر في طلب العلم يري الحق في كلمات الله
قال تعالى:
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ
قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }
سورة الإسراء- 85 -
فإذا امتلك المرء فضيلة الإقرار بالصدق مع نفسه، أدرك وتيقن من أن
علمه أمام علم الله هو كحبة رمل علي شاطئ بحر،فالسنبلة الفارغة هي التي ترفع رأسها
في مهب الريح أما الممتلئة فهي التي تخفض رأسها تواضعا.
الحكيم والحمار
ردحذفكان لرجل حكيم حمارا يحمله في أسفاره. و كان الناس يتهافتون علي الحكيم و يستوقفونه في طريقه لاستشارته في بعض أمور حياتهم.
تعود الحمار علي الاستماع لنصائح الحكيم حتى أنه حفظها،كان الحمار يعلم أغلب حكم صاحبه و لكنه كان يدرك أيضا أنه حمار دوره هو أن ينقل الحكمة من مكان إلي أخر عن طريق حمله لصاحبه و مرافقته في السفر، و لكنه لم يستطع صرف أذنه عن علمه و كلامه الطيب.
و بعد أن أمضي الحكيم عمره في خدمة الناس توفي و ترك الحمار لأخيه،و اشتاق الناس للمعرفة حتى أنهم تبعوا هذا الأخ و استشاروه في أمور حياتهم.
أدرك الحمار الفارق بين صاحبه الجديد و بين صاحبه الحكيم ،فلقد ظن الأخ أنه لا يمكن لكل هؤلاء الناس أن يخطئوا. إذ هم ظنوه حكيما مثل أخيه فلابد له و أن يكون كذلك. و أخذ يفتي فيهم و يسقيهم من جهله حتى أن الحمار تمني أن ينطق ليسكته و يدل الناس علي جهله.
اكتفي الحمار بالتمني و قال في نفسه:لو أن هؤلاء القوم منصفون لأنزلوه من علي ظهري حتى أركبه أنا،فإذا كنت حمارا جاهلا فلقد عرفت ذلك عن نفسي و أقررت به،أما هو ففوق جهله، قد جهل أنه جاهل.
أحيانا يتمنى المرء أن يمتلك بعض الناس فضيلة الإقرار بالجهل لأن هذه الفضيلة لا تكون إلا للعلماء.
فالعلم ثلاثة أشبار منْ أدرك الشبر الأول علم أنه جاهل و منْ أدرك الشبر الثاني ظن أنه عالم أما منْ أدرك الشبر الثالث فقد تيقن أنه لن يبلغ نهاية العلم أبدا.
فلن يتحرك الإنسان في سبيل العلم إلا بعد أن يُقر بجهله و لن يستزيد من العلم إلا بعد أن يقر بجهله و منْ يستمر في طلب العلم يري الحق في كلمات الله قال تعالى:
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } سورة الإسراء- 85 -
فإذا امتلك المرء فضيلة الإقرار بالصدق مع نفسه، أدرك وتيقن من أن علمه أمام علم الله هو كحبة رمل علي شاطئ بحر،فالسنبلة الفارغة هي التي ترفع رأسها في مهب الريح أما الممتلئة فهي التي تخفض رأسها تواضعا.